الثلاثاء، 30 مارس 2010


لَيْلِيَّـــــات

[ تقاسيم في مقام الظلمة ]

شعر : مجدي بن عيسى/ تونس

1

فِي الظُلْمَة

حَيْثُ التَوَقُّعُ والانْتِظَار،

تَفْتَحُ الحُرُوفُ عُيُونَهَا

وَتُفَكٍّرُ فِي الانْتِظَام،

الانْتِظَامُ الذِي يَهَبُهَا المَعْنَى

وَيُلْهِمُهَا الايقَاع.

2

فِي الظُلْمَةْ

تَبْزُزُ شَمْسُ الفِكْرَةْ.

فِي الفِكْرَةِ قَيْدْ.

القَيْدُ يَشُدُّ الرَسْغَ إلى الرَسْغْ.

و الأرْضُ عَمَاءْ،

والكَفُّ خَوَاءْ،

إلاَّ مِنْ قَلَمٍ مُبْصِرْ.

3

فِي الظُلْمَةِ

تَحْتَشِدُ الظُنُونُ وَتَتَعَالَى الأصْوَات.

فِي الخَارِجِ سُكُونٌ مُطْبَقْ.

بَيْنَمَا يُوَاصِلُ القَلَمُ صَرِيرَهُ الخَافِتَ عَلَى البَيَاض.

هَذَا نَهَارُكَ أيُّهَا الحَكِيمُ المُتَوَحِّد،

نَهَارُكَ الأبَدِيُّ المُشِعُّ

بِآلاءِ المَعْنَى

وَجَوَاهِرِ اللُّقَى السَنِيَّة.

هَذَا دَأْبُك

بْصَرِيرِكَ الخَافِتِ عَلى بَيَاضِ التَوَقُّعِ

والانْتِظَارِ السَعِيد.

4

فِي الظُلْمَةِ تُخْتَزَلُ الآفَاقْ.

يَطْلَعُ نَجْمٌ

مِثْلَ نَبِيٍّ

لِيَقُودًَ قَطِيعَ العِمْيَانْ.

فِي الظُلْمَةِ تَحْتَفِلُ الأجْسَادْ

فِي حُبٍّ يُزْهِرُ جَدْوَاهَا،

لا تَتَعَثَّرُ أوْ تَتَرَدَّدُ

تُفْصِحُ عَنْ جَوْهَرْهَا وَسَنَاهَا.

فِي الظُلْمَةِ الحُبُّ شَقِيقْ.

5

فِي الظُلْمَة

يَسْقُطُ الحَرَجُ عَنْ العُيُونِ الكَلِيلَةِ و عَنْ العُيُونِ الكَفِيفَةِ

وَتُبْصِرُ الأصَابِع.

هُنَاكَ تَتَحَسَّسُ طَرِيقَهَا إلى الألْفَة

وَتَلُوذُ بِالمَضَائِقِ النَاعِمَة.

لا طَرِيقَ هُنَاكَ لِغَيْرِ البَهْجَة،

بَهْجَة جَسَدَيْنِ مَقْرُورَيْنِ يَعْثُرَانِ عَلَى المَعْنَى،

دُونَ حُرُوفٍ أوْ كَلِمَاتٍ يُقِيمَانِ فِي رِحَابِهِ

إلى أنْ يَسْتَأنِفَ الصَبَاحُ ثَرْثَرَتَهُ وَعَمَاه.

6

فِي الظُلْمَةِ ضَوْءٌ.

فِي الضَوْءِ نَهَارَاتٌ وشُمُوسْ،

وَاطِئَةُ، ونُفُوسْ

تَتَجَادَلُ فِي صَمْتْ.

فِي الظُلْمَةِ أقْبَاسٌ

مِنْ حِكْمَةِ رَائِيهَا

وَلُقًى

تَتَخَافَقُ كَالأنْجُمِ خَلْفَ ظُنُونْ.

فِي الظُلْمَةِ يَحْتَفِلُ الشَاعِرُ. كَالخُفَّاش

يُقِيمُ لِرُوحِهِ مَأْدُبَةً

مِنْ أحْدَاسٍ دَانِيَةٍ وغُيُوبْ.